الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
تفاسير سور من القرآن
113088 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله تعالى: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ

...............................................................................


وكان رد الكفار متشابها لتشابه قلوبهم في الكفر؛ كما قال تعالى: تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ؛ فقوم نوح قالوا له: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وقوم هود قالوا له: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ .
والسفاهة فعالة من السفه، وأصل السفه في لغة العرب هو الخفة والطيش؛ فكل شيء خفيف طائش تسميه العرب سفها. وتقول العرب: تسفهت الريح الريشة إذا استخفتها فطارت بها كل مطار. وهذا معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر:
مشينا كما اهتزت رماح تسفهـت
أعاليها مر الريـاح النواســـم
معنى تسفهت أعاليها؛ أي استخفتها فهزتها، هذا أصل معنى السفه في لغة العرب. وهو في الاصطلاح المشهور هي خفة العقل وطيش الحلم؛ بحيث يكون السفيه لا يهتدي إلى مصالحه، ولا يعرف مضاره من مصالحه، لا يميز بين الضار والنافع ولا الحسن ولا القبيح؛ لخفة عقله وطيشه وعدم رجحاته.
ولذا كان السفيه يجب التحجير عليه، وجعل ماله تحت يد ولي يحفظ له ماله؛ لأن عقله الطائش وحلمه الخفيف يجعله يضيع ماله. والعلماء مختلفون في السفه الذي يحجر به على الرجل البالغ ويولى عليه في ماله؛ فكان مالك بن أنس رحمه الله وعامة أصحابه، ومن وافقه من العلماء -يرون أن السفه الذي يحجر به على السفيه في ماله، ويولى عليه غيره إنما هو السفه في خصوص المال؛ بحيث يكون طيش عقله وخفة حلمه في نفس التصرف المالي؛ بحيث يضيع عليه في المعاملات، ولا يحسن حفظه ولا التصرف فيه.
فمن كان عند مالك يحسن التصرف في المال ويحفظه، ولا يخدع بل هو عارف بوجوه التصرفات، وحفظ المال؛ فماله يدفع إليه عند مالك وأصحابه، ولا يسمى سفيها، ولو كان سكيرا شريبا للخمر مرتكبا للمعاصي.
وشارب الخمر إذا مـا زمـــرا
لما يلي مـن مالـه لـم يحجــرا
هذا مذهب مالك وأصحابه.
وذهب الشافعي في جماعة من العلماء إلى أن من كان يتعاطى المعاصي كالشريب السكير الذي يشرب الخمر ويتعاطى المعاصي -أنه سفيه لا يمكن من ماله أبدا حتى تصلح حاله الدينية مع حاله الدنيوية، قال: لأنه لا أحد أخف حلما وأطيش عقلا من الذي يتسبب في أن يحرق نفسه بالنار، فهذا خفيف العلم طائش العقل لا يعطى له ماله فهو السفيه بمعنى الكلمة. ترى هذا كلاما معروفا في فروع المذاهب مشهورا.
ولذا نسب قوم هود هودا إلى خفة العقل وطيشه قالوا: إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ؛ أي في خفة عقل وطيش حلم، لأنك تدعونا إلى أن نترك ديننا ونذهب إلى دين آخر جديد ما نعرفه؛ فلا عقل عندك ولا حلم، بل أنت سفيه خفيف العقل طائش الحلم، هذا قولهم، لعنهم الله.
وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ .
نظنك كاذبا، لأنك بشر مثلنا فلا زيادة لك علينا، ولا فضل لك علينا؛ لأنا من عنصر واحد، آدميون جميعا، نشرب ونأكل جميعا؛ فما نظنك إلا كاذبا، وأنك سفيه خفيف العقل طائشه.

line-bottom